الحاكمية ٦

08-05-2020

- ٦ -   الحاكمية

 

إن لومة محذر المجرم غير لوم المجرم هو عمل الحمقاء!

 

نعم هو من عمل الحمقاء! ومن أعمال حماقة الأتاتوركين والحزبيين. وكلاهما يذهبان إلى حفرة جهنم ركضاً. أحدهما يتبع وراء الشيطان عمياناً والآخر يستند إلى الحزب الذي يعتمد على الصهيونية ويذهب منقلباً إلى الحفرة وأنتم تنادون بأعلى صوتكم وراء هؤلاء الناس بما استطعتم، وعلى الرغم من ذلك كله هم يتهمونكم ويعدونكم أعداء ويفترونكم فرى عظيمة بدل تقديركم وتهنئكم ومجاملتكم وشكرانكم، ولا يمكن لنا أن نشرح موقف هؤلاء الحمقاء وبتعبير القرآن- موقف المخذولين إلا أنهم وقعوا الخذلان مثل خذلان المخذولين، وإذا أردنا أن نمثل بمثال هم ذرار الأتاتوركيين ومنتسبي حزب الرفاه، وهناك بعض النقاط يشتركان فيها!..

١ - كلاهما يتبعان وراء الأوثان والوثنية،

٢ - وكلاهما يدخلان من باب الشرك وهكذا يصبحون من أصحاب الشمال ومن المشركين.

٣ - كلاهما يلبسان الحق بالباطل،

٤ - كلاهما يقسمان صنم مصطفى كمال، أحدهما يعتبره زعيماً أبدياً ووعد أن يتبع وراءه والآخر يدعو إلى حزبه ويقول: لو كان هو على قيد الحياة لكان يأخذ مكانه في حزبنا. ويقول هذا القول أمام ملأ الناس جميعاً وبذلك يحترمه ويعظمه..!

٥ - أحدهما يحتضن الديموقراطية والآخر يشتاق الديموقراطية الحقيقية.

٦ - كلاهما يقولان "إن العلمانية هي تأمين الحرية الدينية".

٧ - كلاهما يذهبان إلى ضريح مصطفى كمال ويستفيضان منه.

٨ - أحدهما يؤمر المرأة رئيس الوزراء والأخر يقول: إن الذكورة والأنوثة ليست مهمة، بل المهم أن تقوم بالخدمة، وهو يصفق لرئاسة المرأة بمصافحتها.

٩ - كلاهما يتفقان في نقطة وهي : إن الحكم إلا للشعب، وأيضاً كلاهما يعملان برنامج الحزب الذي يعتمد على الدستور الكافر ويحلفون على منبر المجلس بأنهم سيحافظون مبادئ وانقلابات أتاتورك.

-وأنتم تقولون بأن هؤلاء جميعاً قد كفروا وأشركوا بالله ولا يصلى عليهم وهم متهمون أساساً، وزيادة على ذلك تقولون: توبوا إلى الله من قبل أن يأتيكم الموت! وادخلوا من باب التوبة! وعدوا من الشمال إلى اليمين! وابتعدوا عن الأتاتوركية والحزبية، وهكذا تقولون ولكنكم تتهمون وتكونون متهمين وهم ليسوا كذلك، فالحقيقة هذا شيئ عجاب!..

وفي الحقيقة أنهم متهمون أساساً، وأقل شيئ من تسعة أو عشرة نواح، نعم رأيتم جرائمهم أيضاً. ولكن المؤلم أنه لا يتهم المجرم بل يلوم الذي يحذر المجرم ويرشده.

انظروا إلى وضع العالم وأصبح هكذا من حماقة هؤلاء. كما قال القدماء "الرجال مجرمون ومع ذلك هم أقوياء".

قوله تعالى:

وقال الذي آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد. يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع و إن الآخرة هي دار القرار. من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فاؤلئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب. ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة و تدعونني إلى النار تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار لا جرم أنما تدعوننى إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم أصحاب النار فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعاً فهل أنتم مغنون عنا نصيباً من النار. قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد وقال الذي في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب. قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال. إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد (سورة الغافر:٣٨-٥١)

 

تفسير الآيات وتحليلها:

ا - إن الله تعالى هو القادر المطلق، وما زال الناس يهتمون بالدين في العصور التي هيمن فيها الكفار الأشداء مثل فرعون وجادلوا الشرك والكفر والذين يبلغون حولهم.

بـ - إن أحداً من المرشدين -إن جاز التعبير والتشبيه- ومن المجددين كان من رجال القصر وعلى ما روى هو ابن عم فرعون ويذكر اسمه في القرآن الكريم ب"الذي آمن" وهذا الشخص بدأ القول ب "يا قوم" واستمر بأسلوب لطيف وقال: "اتبعون أهدكم سبيل الرشاد".

جـ - وهذا الرجل المؤمن خاطب قومه وأشار إليهم على حقيقة مهمة، وذكرهم بأن هذه الحياة الدنيا متاع وأن الآخرة هي دار القرار وأن لا ينخدعوا بمتاع الدنيا ويعملوا أعمالاً صالحة للآخرة، وهكذا بلغ قومه ونصحهم.

د - وأعلن لهم أن الأعمال في الدنيا لن تكون إلا بالجزاء وجزاء سيئة سيئة مثلها وجزاء من عمل عملاً صالحاً فله جنات ويرزق فيها بغير حساب ذكراً كان أو أنثى وصرح بأن الإيمان هو الأساس ولا مصير إلى أي شيء بدون الإيمان!..

ر - ادى هذا الرجل المؤمن إلى قومه وتكلم معهم شاكياً ومتعجباً وقال لهم ها أنا وأنتم والفرق كبير، وإني أرحمكم وتدعونني إلى النار وأنا أريد أن أبعدكم عن شفا حفرة وتقولون: تعال كن مثلنا وتدعونني أن أعبد الأصنام وأن أكون من المشركين والكافرين وليس لدي أي علم أو دليل بأن هذه الأصنام آلهة بل هي عبارة عن اتباع أهوائكم فقط وعلى كل ذلك أدعوكم إلى العزيز الغفار وإلى دينه وإلى شريعته. أما الذي تدعونني إليه ( أتاتوركية كانت أو ديموقراطية بتعبير يومنا هذا ) لا قيمة له ولا وزن له لا في الدنيا ولا في الآخرة، هذه عبارة عن الوثن وعن الوثنية وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين والمشركين هم أصحاب النار.

ز - وقولي الأخير هو شيئان أحدهما: لم تصغوا إلى في هذه الحياة الدنيا ولم تقبلوا الحق والحقيقة رغما عن جميع نصائحي وإنذاري حتى أردتم كوني مشركاً مثلكم ولكن الأمر بقى إلى ما بعد الموت فستذكرون ما أقول لكم وستندمون ولكن هيهات فاليوم لا تنفع الندامة قط. هذا وأذكركم أخيراً أقطع علاقتي بيني وبينكم و {ثانياً} فوض نفسي إلى الله وأفوض الأمور إلى الله إن الله بصير بشؤون العباد وبصير بأني بلغت الرسالة وأنتم لم تؤمنوا بالأسف وبناء على هذا أنا على الحق وأنتم على الباطل.

وانطلاقا من هذه النقطة نقول لكم: يا أيها الأتاتوركيون والحزبيون! إنّ وظيفتي هي أن أنذركم الذين خرجتم عن دائرة الشريعة وأن أجيب عن التردد والشبهات والإنكار الحاصل منكم. وكذلك إني بلغت وسأبلغ بتعبئة جميع وسائل الإعلام والنشر وقلت بأنه لا أتاتوركية ولاحزبية في الإسلام بل إنهما صنمان ووثنيان، لأنني حتى الآن لم أصل إلى نقطة التي وصلها الرجل المؤمن "الذي آمن" لأنه قال ما يجب أن يقوله ويبلغه. هكذا لم يبق أي شك وشبهة لدى مخالفيه ومعارضيه. ولكنا لسنا كذلك؛ لأنه توجد كثير من الشبهات والترددات متتابعات لدى معارضينا ومخالفينا. لماذا؟ لأن هناك محامي الأتاتوركيين وعلمائهم مثل بلعم بن بعوراء كأستاذ إبراهيم جوبوكجو وأستاذ نجيب بيلجه وفتح الله و قرقينجي وكذلك للأحزاب محاميهم وعلمائهم مثل بلعم بن بعوراء كدوغان وأفه ومزارجى وغيرهم. وإن هؤلاء من محاميهم وعلمائهم يحاولون إنقاذ زعمائهم من الكفر والشرك بطريق التأويل. أو يقومون بمقارنة وضعهم بصلح الحديبية وتعيين يوسف عليه السلام للوزارة وأيضاً يقولون إن حكومة المدينة المنورة الأولى كانت حكومة الائتلاف وهكذا يقومون بالمقارنة بجمعية حلف الفضول ويستدلون بحديث (!) "تسلحوا كما يتسلح عدوكم". ويحاولون بهذه الأمثلة انتقال الأتاتوركيين والحزبيين من شك إلى شك آخر ومن تردد إلى تردد آخر.

وهناك حكاية تقال: كان ملكاً يرغب أن ينشد الشعر، ودعا شاعرا معروفاً ومشهوراً في عصره. قرأ له الأشعار التي شعرها وسأل عنها "هل كان هذا الشعر جيداً" ؟ رد عليه الشاعر وقال: "لا" غضب الملك لهذا الرد وأمر رجاله: "خذوه إلى السجن". وبمرور الزمن راجع الملك أشعاره وطلب حضور الشاعر وسأله نفس السؤال مرة أخرى بعد ما قرأ أشعاره للشاعر. رد الشاعر على الملك وقال له "لم يكن" ورجع إلى السجن. وبعد مرور الزمن راجع الملك أشعاره لإصلاحها مرة أخرى ونشد أشعاره من جديد وصححها وبعد هذا العمل قال في نفسه: "الآن صارت جيدة" وطلب حضور الشاعر هذه المرة واثقا نفسه وبأمل كبير. حضر الشاعر مرة ثالثة وقرأ الملك أشعاره التي صححها للشاعر وكتبها من جديد وسأل الشاعر سؤاله ولكن الشاعر لم يرد على الملك بعد أن استمع للملك وذهب نحو الباب. ولما رأى الملك الشاعر ذاهبا نحو الباب قال له أين تذهب؟ رد الشاعر على الملك قائلاً: "إلى السجن" ورجع للملك مستمرا في كلامه "إني سأبقى في السجن مدة طويلة مادام عندك هذا الفم".

 

الحصة من القصة:

إن شعب أناضولي رجلاً كان أو امرأة، شاباً كان أو شيخاً سيخدع وسيخادع وسيجبر خاطره وسينوم ومع ذلك سيستمر متردداً في مستنقع الشرك مادام للأتاتوركيين والحزبيين محامون وعلماء متنازلون عن دين الله ولا يخافون الله عز وجل ويبيعون دينهم بدنياهم وفى النهاية سيتنفسون آخر نفسهم في شمال جدار السور وسيدفنون مشركين وسيتعرضون عذاب الله وغضبه وبذلك سيتدحرجون حفرة جهنم مع الأصنام الكماليين والديموقراطيين.

 

الاستمرار في التبليغ:

نحن سنستمر في الإرشاد والتبليغ ماداموا يعيشون ومادمنا نعيش ولو كرهوا! هذا لابد لنا منه ولا مفر منه وهذه مهمتنا. وهذا ما علينا إلا البلاغ والإرشاد سواء قبل أم لم يقبل! لأن البلاغ علينا ولكن الهدى بيد الله سبحانه وتعالى؛ كما قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم:

وما علينا إلاّ البلاغ المبين (يسن:١٧)

فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظاً إن عليك إلاّ البلاغ و إنّـا إذا أذقنا الإنسان منّا رحمة فرحوا بها وإن تصيبهم سيّئة بما قدمت أيديهم فإنّ الإنسان كفور (الشورى:٤٨)

إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ الله يهدى من يشاء وهو أعلم بالمهتدين (القصص:٥٦)

 

وسنقول قولنا الأخير حين ذلك:

كما قلنا قبل قليل نحن سوف نستمر التبليغ والإرشاد ماداموا يعيشون ومادمنا نعيش، سواء أبوا أم شاؤوا! إن قولننا هو من قبيل إرخاء العنان كما قال الرجل المؤمن ويمدحه القران من قبيل: {لكم دينكم ولى دين} مذكوراً في هذه الجملة والكلمات المباركة في قوله تعالى:

فستذكرون ما أقول لكم وأفوّض أمري إلى الله إنّ الله بصير بالعباد (غافر:٤٤)

 

يسقط في البئر من يحفر البئر:

لقد مكروا بهذا المؤمن من الفخ والمكيدة ولكن الله سبحانه وتعالى عصمه عن هذا الفخ والمكيدة وحاق بفرعون وآل فرعون سوء العذاب حيث استحقوه، وهذا في الدنيا. وعلاوة على هذا: وسيدخلون يوم تقوم الساعة أشد العذاب من النار التي يعرضون عليها غدواً وعشياً ونفس العاقبة تترقب الأتاتوركيين والحزبيين.

 

يـبدأ الاتهام والإسكات:

بعد الآن كلهم في النار! وبدأت المجادلة. وسيقول الذين استضعفوا للذين استكبروا: إنا كنا لكم تبعاً ولبينا حاجاتكم ووقعنا في هذا الحال وفي هذا العذاب والآن نحرق ووعدتمونا وتقولون: اتبعونا تستفيدوا منا، قلتم "كونوا أتاتوركيين" وصرنا أتاتوركيين، وقلتم "التحقوا بحزبنا، والتحقنا بكم وطلبتم المال دفعنا وقلتم "لا تسمعوا لأقوال الذين يتحدثون عن الشريعة" ما سمعنا، والخلاصة فعلنا كل ما طلبتموه منا بنصه وفصه وصرنا عباداً لكم وهذا نهايتنا نحترق في النار والعذاب الشديد. وسيقولون: فهل أنتم مغنون عنا نصيباً من النار؟.."

 

لم يبـق الاستكبار بـعد:

وسيجيب فرعون المستكبر وآله -بدون أي استكبار- عن هذا الطلب الذي يحتوي العتاب و الاتهام: "إنّا وإنكم في النار والطرفان مجرمان وأنتم لا تستطيعون أن تخلصونا من النار ولا نحن! بل أنتم مجرمون في الحقيقة! لأنكم إن لم تنتخبونا ولم تتبعونا ما كنا مستكبرين وما كنا أمراء عليكم بل كنا نبقى كلنا على مفردنا ونسعى لطلب الحق وكنا متبعين الحق وما كان مصيرك ومصيرنا النار! وبالنتيجة: "إن الله قد حكم بين العباد وتحقق عدله إنه هو المقسط الحكيم"

 

وقعت آمـالهـم النـهائـية في المـاء:

سيقول الزعماء والذين اتبعوهم -الذين يئسوا من أن اتهام بعضهم البعض لا ينفع كلا من الطرفين وهم يتهمون بعضهم البعض أثناء ذوقهم العذاب الذي يستحقونه- لخزنة جهنم: ادعوا ربكم لإن دعائكم مستجاب يخفف عنا يوماً من العذاب الشديد الذي يحيط بنا حتى نتنفس قليلاً فندعو لكم!

فيقول الله تعالى في القرآن الكريم في هذا المجال:

وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب )غافر:٤٩ (

وستجيب الملائكة عنهم:

قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال )غافر:٥٠ (

أي أولم تأتكم رسل وورثة الأنبياء بالبينات والمعجزات؟

أولم ترشدكم الرسل والعلماء غدواً وعشياً كل يوم بالمعجزات والدلائل؟

قالوا: "بلى قد جاءنا الرسل فاتهمناهم وكذبنا بعضهم وقلنا للبعض بادي الرأي والمتعصب وللبعض الآخر عدو أتاتورك. ولكن ردوا علينا بقولهم: الشريعة! الشريعة! وأرادوا إقامة الشريعة في نظام الدولة. أما نحن منعناهم عن ذلك وقلنا "الحزب! والديموقراطية! و الأتاتوركية!. وأيدنا العلماء ووسائل الإعلام وكتبوا كل ما قلناه، ولم تسمع لهم المحاكم والمدارس بل سمعوا لنا وقاموا بالتدريس والمحاكمة على حسب مطالبنا وبالمنهج الذي نريده. وفى النهاية اتفقنا جميعا أن لا نعطيهم مجالاً لذلك ومنعنا الذين يتحدثون عن الشريعة واتهمناهم بالإرهاب، وأصدرنا "دستور الإرهاب" وحكمنا على هؤلاء بحكم ٣٦ عاماً الذي لم نحكم بهذا الشكل على المجرمين وأخيراً هددناهم بالإعدام شنقا، وحاولنا أن نعلن جميع العالم أن هؤلاء ليسوا على الحق بل جميعهم إرهابيون لكننا على الحق وإننا معاصرون ونرغب أن نتكيف مع العصر حتى أتانا الموت وأخذنا في قبورنا ونحن غافلين عن الموت وعن القبر يوم الحساب. ظهرت الحقيقة بأننا لسنا على الحق بل هم الذين كنا لم نعجبهم كانوا على الحق. ندمنا كثيرا على ما فعلنا ولكن لم تنفعنا هذه الندامة، واتهم بعضنا البعض ولم ينفعنا هذا الاتهام. وبقى عندنا أمل وحيد وهو أن نتقدم بمراجعتكم ونرجو منكم أن تدعوا لنا ولكن كان ردكم علينا هو أن ندعو لأنفسنا ولكن هذا شيء محال لأن القانون الإلهـي يقـول: ...فادعوا ومادعاؤا الكفريــن إلاّ في ضلال (غافر:٥٠)

ولو ندعو في هذه الشروط لم ينفعنا الدعاء.

 

غلق أبواب الآمال وقطع أصواتهم:

كان أملهم الأخير الدعاء ولما غلقت أبواب الدعاء وبلغ القرار الإلهي: قال اخسئوا فيها ولا تكلمون (المؤمنون:١٠٨)

وبهذا القرار لا يتكلمون قط، وبهذا أصبحوا بكماً وقطعت أصواتهم!.. وفى هذا الأثناء من كتابتنا هذه فلندع رب العالمين ونقول: "اللهم ثبت أقدامنا واهد الأتاتوركيين والحزبيين ولأساتذتهم الذين يؤيدونهم وللشيوخ الذين هم في منصب المشايخ."

 

أما الآيـة الأخـيرة:

قال الله تعالى في الآية التي سنفسرها وسنحللها:

إنا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد. يوم لا ينفع الظّالمين معذرتهم ولهم اللّعنة ولهم سوء الدّار (غافر:٥١-٥٢)

 

هل تبليغ الحق أم تكثير الجماعة؟

هناك هدفان؛ أحدهما تبليغ الحق والآخر جمع الجماعة وتكثيرهم، وتوجد الشق الثالث وهي تبليغ الحق مع تكثير الجماعة، هذا هو المثل الأعلى. ولكنكم في نقطة مهمة؛ لو بلغتم الحق صراحة وبشكل قطعي فتفترق الجماعة أو لم يكثر عددكم وما تستطيعون أن تكثروها من الواحد إلى اثنين، وإذا كنتم في مثل هذا الموقف فأي واحد تختارونه؟ وبمعنى آخر لو قلتم الحق بكل صراحة ستفترق الجماعة وإن لم تقولوه أو تتبعوا طريقة التأويل ستجمعون الجماعة وتمسكوها في أيديكم وستجمعون عواطف الناس بكم فأيهما ملائم للشريعة؟

الجواب: أن تقول الحق. نعم لابد من قول الحق قبل كل شيء.هذا هو مطابق للشريعة، بل إنه أمر الشريعة. لماذا؟ لأنه:

١ - إن ميزان الجماعة هو الحق وقول الحق، لأن في تعريف الجماعة الحق، ويقول على كرم الله وجهه: "الجماعة : هم الذين اجتمعوا على الحق، ولو قل عددهم! وأما التفرقة: هم الذين اجتمعوا على الباطل، ولو كثر عددهم."

٢ - "قل الحق ولو كان مراً" وهذا هو أمر الإسلام.

٣ - وجاء جميع الرسل لتبليغ الحق وهم قالوا الحق. ومنهم من كان عدد جماعتهم {أمتهم} قليلاً أو لم يجدوا جماعة قط.

٤ - إن الذين يكتمون ما أنزل الله هم ملعونون أم ضالون كما قال الله تعالى: إنّ الّذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى من بعد ما بـيّـنّــاه للنّاس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون  (البقرة:١٥٩)

وقال الله تعالى في آية أخرى: فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون) يونس:٣(

٥ - إن كتم الحق أو تأويله لتكثير الجماعة هو تنازل عن الشريعة والتنازل عنها حرام وخسران.

إذاً لا بد من قول الحق على ورثة الأنبياء وإلا ليست مهمتهم تكثير الجماعة المتراكمة. وبناء على هذا إن المقالة المكتوبة تحت عنوان "الأوثان والوثنية المعاصرة" قد أصابت الحق وذكر في محلها وملائم بالمواد الخمس والإدعاء بعكس هذا خطأ لا يناسب الدليل الشرعي والمصادر.

 

الاستمرار في قول الحق:

والآن أنهي هذا البحث بإضافة جملة أو جملتين:

أ إن المهم أن يتهم المجرم وإعراضه عن ارتكاب الجريمة. قد فهم هنا مرة أخرى أن المجرم أو المتهم ليس الأستاذ جمال الدين بل الأتاتوركيون والحزبيون والعلماء والشيوخ الذين يؤيدونهم هم في شمال جدار السور دخلوا من باب الشرك وأصبحوا مشركين، ولا يصلى عليهم.

بـ - وأيضا هناك مسألتان يقال إما من قلة العلم أو هي مبنية على الأفكار السيئة. أحدهما: القول: "إذا كان قول أو فعل له تسعة وتسعين ناحية الكفر في المائة وناحية واحدة ليست بكفر فعلى المفتي أن يعتبر ناحية واحدة وأن لا يتطرق طريق التكفير" وهل يشمل هذا الموضوع على أصحاب الشمال في جدار السور أم لا؟ وأما الثاني: هو إضلال أمثال محمد قرقنجى الذي يقوم بدفاع عن الأتاتوركيين والحزبيين في تفسير وتحليل الآيات ٤٤-٤٥-٤٧ من سورة المائدة. وسوف نراها في الأعداد القادمة.

 

جمال الدين بن رشيد خوجا أوغلي (قابلان)


RISALE

ZÄHLER

Heute 871
Insgesamt 3665642
Am meisten 7043
Durchschnitt 1490