08-05-2020
- ١٤ - الحاكمية
قـصة آنطاكـيا لايمكـن أن تكـون دلـيلاً:
بعض الجهات مثل الحزبيين وبعض مدارس تحفيظ القرآن الكريم تتخذ من قصة شمعون الواردة في بعض التفاسير في سورة يس في الآية ١٣ وما تليها ذريعة لتبرير مواقفها كالمثل القائل " الغريق يتمسك بالحية لتنجيه". وكذلك بعض الشيوخ ومريديهم يتخذون هذه القصة مسنداً ودليلاً لأنفسهم ويقولون: نحن على استعداد أن نعبد الأصنام إذا كانت فيها مصلحة الأمة، وأن نعلق الصليب، وأن نلبس ملابس الرهبان والقسيسين، وأن نقف خاضعين عند ضريح مصطفى كمال، ونؤسس الحزب، ونذهب إلى صندوق الاختراع، وندلي بأصواتنا، وأن نحلف على احترام الدستور الذي يرفض الشريعة والمحافظة على النظام والقوانين التي وضعها أتاتورك، وأن نجلس في المجلس الذي يجلس فيه من يرفض الشريعة الإسلامية، وكل هذا يجوز لنا.
الأدلــــــة:
والقصة الواردة في بعض التفاسير في سورة يس هي كالتالي: أن عيسى عليه السلام أرسل رسولين إلى أهل أنطاكيا إلا أنهم لم يؤمنوا بدعوة هذين الرسولين وحبسوهما إلا أن الرسول الثالث الذي بعث إليهم لم يظهر دعوته مباشرة وحاول التقرب إلى الملك إلى أن أصبح من المقربين إليه، وكأنه على دين الملك، ويذهب مع الملك إلى مكان عبادة الأصنام ويعبد الأصنام. ولقربه من الملك اقترح عليه أن يحضر الرسولين من السجن ويستمع لدعوتهما، وأظهر الرسولين معجزة إحياء الموتى بإذن الله. والعلماء مختلفون حول مصير الرسولين والملك بعد هذه الحادثة.
فبعض التفاسير تؤكد أنه آمن وبعضها الآخر ينفي ذلك.
تحليل القصة ونقدها:
١ - إن القصة مختلفة في أحداثها كثيراً في بدايتها ونهايتها. للأسباب التالية:
أ - هل المبعوثون رسل الله؟
ب - هل المبعوثون هم رسل عيسى عليه السلام؟
٢ - وبأي شكل من الأشكال هل يجوز للرسل أن يعبدوا الأصنام؟ وهل ثبت ذلك؟ وما الدليل؟ وبناء على عصمة الأنبياء وثبوت أنهم بلغوا دعوة الإسلام كاملة خاصة في مراحلها الأولى. إذاً لا يثبت على هذه الدعوى دليل.
٣ - وهذه الدعوى مخالفة تماماً لما جاء في سورة الكافرون.
٤ - الإسلام أغلق باب التنازل تماماً.
٥ - أن شريعة من قبلنا شريعة لنا ما دامت لم تنسخ من الله ورسوله. وهذه القصة غير معتبرة لأنها لم ترد في الآيات والأحاديث الصحيحة.
٦ - وبالنتيجة هذه المسألة اعتقادية إيمانية. ونطالب بالدليل الثابت القطعي. وهذه القصة لا تعتبر دليلاً قطعياً ولا ظناً. ومن المحتمل كونها من الإسرائيليات.
٧ - وإذا حللنا سورة يس لن نجد فيها علامة وإشارة تؤيد هذه القصة المزعومة.فهذه هي الآيات:
واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون. إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذّبوهما فعزّزناها بثالث فقالوا إنا إليكم مّرسلون. قالوا ما أنتم إلاّ بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلاّ تكذبون. قالوا ربّنا يعلم إنّا إليكم لمرسلون. وما علينا إلاّ البلاغ المبين (يس:١٣-١٧)
تحليل الآيات وتفسيرها:
١ - إن هذه القصة جاءت مثلاً على مشركي قريش مثل أبي جهل والمشركين بصفة عامة إلى يوم القيامة والأصنام وعبدتها. وبناء على هذا يجب الاعتماد على المصادر الصحيحة من الشريعة الإسلامية لا على القصص التي لم يثبت صحتها. لأن المشركين سيطالبون بالدليل على قصة شمعون وأنتم لا تستطيعون أن تجدوا في القرآن الكريم والسنة المطهرة ما يثبت دعواكم وإذا فعلتم ذلك فستدخلون في طريق مسدود.
٢ - والقرآن يؤكد أن الرسول الثالث كان معززاً للرسولين السابقين. والعزة والقوة التي كان يتصف بها هذا الرسول لا تتوافق مطلقاً مع الخضوع والذل وعبادة الأصنام والدين الباطل. لأن هذه الأفعال تذل الإنسان ولا تعزه فكيف تليق بالأنبياء والرسل! والتعزيز بالرسول الثالث الذي كان يتصف بالقوة والعزة كان خطابه قوياً ومتيناً وبذلك ظهرت معجزته.
٣ - وقال كل الأنبياء لأقوامهم "وما علينا إلا البلاغ المبين. وأداة الحصر تؤكد أن الأنبياء بلغوا دعوة الحق كاملة واضحة لأقوامهم. ولم يخضعوا للباطل بعبادة الأصنام والذل أمام الملوك... مثل ما ادعى بعض الشيوخ والدراويش.
وبناء على ذلك ننصح الشيوخ والدراويش بما يلي: لا تخافوا وتتخذوا من القصص الواهية والضعيفة ذريعة لتبرير خضوعكم وذلتكم أمام الباطل، كالغريق الذي يتمسك بالحية لإخفاء خوفكم من النظام الأتاتوركي بلغوا دعوة الإسلام كاملة كما جاءت من عند الله وطالبوا واسعوا إلى تطبيق شريعة الإسلام ودولة القرآن صراحة وبوضوح كما ذكر في سورة يس في الآية ١٧. واتقوا الله في مدارس تحفيظ القرآن الكريم في تنشئة وتربية الأطفال على فهم الإسلام نظام حياة. ولا تدخلوا في دمائهم أفكار مغلوطة عن الإسلام.
جمال الدين بن رشيد خوجا أوغلي (قابلان)
Heute | 1616 |
Insgesamt | 4575055 |
Am meisten | 42997 |
Durchschnitt | 1742 |